- أداء العمرة للسوريين ... رحلة دين و سفراء سياسة

1312900698.jpg1312900698.jpg

أكرمنا الله بزيارة الحرمين الشريفين في الأيام السابقة , لكن السياسة طغت على الدين في رحلتنا كانت العيون تتلقفنا بفضول قبل الألسن التي تتساءل بحيرة و لهفة و استغراب : أنتم سوريون ؟!!! ما الأخبار

عندكم ؟ هل انتصرت ثورتكم ؟ هل تعانون من القمع و الإبادة ؟ و و و و و أسئلة كثيرة كانت تملأ وقتنا و لكن كل فرد منّا كان يشعر أنه سفير السوريين المسؤول عن توضيح المؤامرة التي التبست تفاصيلها على متابعي قنوات التحريض الفضائية .. و ما أكثرها , و بسبب بعد أكثر الفضائيات الإخبارية عن الإنصاف و إظهار الحقيقة لما يحدث على الأرض في سوريا .
حملنا الشوق و الحنين لأداء العمرة فأسرعنا نلبي دعوة الخالق عزّ و جلّ , الذي أكرمنا ببلوغ بيته المعظم و تأدية الطاعة بالتلبية و الطواف و السعي لنستمتع بالعبادات في مكة المكرّمة و من بعدها في مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و العمرة كما كانت ملتقى المسلمين من كل مكان ليتعارفوا و يتحاوروا و يتحابوا , لكن حواراتنا مع إخوتنا كانت مختلفة هذه المرة فبعضها حمل الألم و الأسى لحال سورية و أهلها و بعضها يفرغ براكين حقد كامن تجاهنا و آخر شامت و غيرهم كثر .
كيف تركتم سورية و قد سمعنا أنها أضحت خراباً و بكاء و نحيباً في كل بيت ؟
و كان جوابنا الدائم غالباً : لو أنّ هذا الكلام صحيح أو لو أنّ خطراً حقيقياً يحيط بأولادنا و عائلاتنا هل كنا نتكهم لنؤدي العمرة ؟!!!
في الحافلة عرفت المجموعة الأردنية أو الفلسطينية أننا سوريون فقال عجوز منهم : الله يحميكم من الأسد ! فنظرت إليه متسائلاً أكذب سمعي : عفواً ماذا قلت ؟
فأعاد : قلت الله يحميكم من الأسد .
فحدجته بنظرة صارمة مع ابتسامة عريضة و أنا أقول : تقصد الله يحمي لنا الأسد و ينصره .
فاستغربت المجموعة و أردف العجوز : مع أنهم يقولون أنه يسجن شعبه في سجون تحت الأرض و يعذبهم .
أجبته : يا عمّ لا تصدق كل ما تسمع , فنحن نعلم تماماً كم تتمنون ككثير من الشعوب العربية لو كان بشار الأسد قائداً لكم .
أجاب مرتبكاً : الله يحميكم و ينصر سورة و السوريين و يوفق قائدكم لما فيه خيركم إن كان الأمر كما تقولون .
وصلت الحافلة لينزلوا إلى فندقهم و إذا بشاب من بينهم يقول : أنت تحاورنا دون أن تعلم من أين نحن ؟
قلت أنت إخوة عرب أردنيون . فأجاب بل نحن من فلسطين من الجليل , فأجبت بوركت فلسطين و شعبها و بارك الله نضالكم ضد الصهاينة.
أثناء تجوالنا في السوق أحد الباعة عرفنا سوريين فقال : سمعنا أنّ الجيش يقتل أبناء الشعب ( يوجه الكلام إلى عمتي العجوز )
الحاجة أم صفوان أميّة لا تقرأ و لا تكتب و يظهر ذلك من كلامها لكنها أجابته ببلاغة أدهشته و أسكتته حيث قالت : يا ولدي أليس الجيش من أبنائنا ؟ أجاب : نعم , فأكملت : و من يقتلون هم أبناؤنا ؟ قال: نعم , فقالت له : أتصدق أنّ الأخ يقتل أخاه؟!!
دهش البائع من جوابها و لم ينبس بكلمة أخرى .
رجل عربي من مصر يسأل : متى يزول نظام الأسد كما زال نظام مبارك و غيره لتنعموا بالحريّةو تدافعوا عن عزة الأمة العربية ؟
يجيبه أحد أفراد مجموعتنا السورية :قبل أن تتحدثوا عن الكرامة العربية أنزلوا العلم الإسرائيلي الذي يرفرف في دولكم , و يكفينا فخراً بالأسد أنه لم يضع يده في يد صهيوني رغم كل الضغوط العالمية عليه .
أحد الأتراك الذي عرف أننا من حلب يقول : لقد تأخرت الثورة في حلب و نحن الأتراك نتطلع إليها قبل غيرنا بتلهف و ترقب .
و عندما سئل عن السبب أجاب : الكلّ يعلم أننا سندعم قيام دولة للمعارضة في حلب تكون جزءاً من الامبراطورية التركية لأننا سنقوم بواجبنا في حماية الثورة في حلب و دعمها عسكرياً و مالياً .
أجابه أحدهم : تقصد أنكم تفكرون في احتلالنا بحجة الحماية , لكن يبدو أن الأتراك نسوا أن زمن الوصاية و الانتداب ولى إلى غير رجعة , و أن العزة و الكرامة و حب الوطن و الحرص عليه و على رموزه ثوابت لا يحيد عمها أهل حلب أبداً .
صادفت في الكعبة شاباً من حارم غاضب متألم لما أصاب منطقته من مشكلات و قصّ عليّ كيف قلب المسلحون الفارون من جسر الشغور حياتهم جحيماً لا يطاق , عاثوا فساداً استدعى تدخل الجيش لحمايتهم , لكن أبواق الجهل تصوّر الأمور أحياناً على غير حقيقتها , كان ثائراً على أوضاع البلد و ينوي عدم العودة و لكن حواراً هادئاً معه جعله يقتنع أنّ بلدنا لا يحميها و لا يبنيها غيرنا نحن أبناءها بالعقل و العلم و العمل .
حتى في الروضة الشريفة انتفض أحدهم ليقول لأحد أفراد مجموعتنا أنتم آثمون يا أهل حلب لأنكم لم تهبوا للثورة حتى الآن , فسأله الشاب ؟ و لماذا نثور ؟ فقال : ضد النظام الظالم و فساده .
فأجابه : نحن نحب رئيسنا و نثق بحكمته و بعقله و بوعوده , و ننتظر منه أن يكافح الفساد الذي لم ينكره منذ استلم الحكم .
فقال : أحد عشر عاماً مضت على حكمه فماذا تغيّر ؟
أجابه السوري الحلبيّ : من يتابع يعلم أنّ الخير قادم منذ بداية حكمه , لكن من يعمل يخطئ أحياناً و سنبقى مع قائدنا نعمل معه لنبني سورية لنا و لأولادنا .
فقال : لكنه يأمر الجيش بقتل المدنيين ؟
فأجابه الحلبيّ : و من يقتل أفراد الجيش و يمثل بجثثهم ؟
سكت المحاور و تابع الحلبي عبادته .
شخص منصف عادل في رأيه راجح العقل أكد حقيقة غفل عنها الكثير من إخوتنا السوريين المتظاهرين من بيوت الله حيث قال : أتألم كثيراً و أنا أرى السوريين يسيئون إلى ديننا الحنيف و إلى بيوت الله حيث ثبتوا وجهة نظر كان الغربيون من أعداء الإسلام ينفقون مليارات الدولارات لتأكيدها , فجاء أولئك الجهلة المتظاهرون في سورية ليقولوا للعالم أجمع إن مساجد المسلمين بؤر إرهاب و أماكن تجمع للمخربين و المجرمين الذين ينطلقون منها ليقتلوا و يدمروا و يخرّبوا و لتعلو من جديد الأصوات الداعية إلى إغلاق مساجد المسلمين في الغرب خوف انطلاق الارهابيين منها .
هل هذا ما تريده أيها الأخ السوري الحريص على حريتك و كرامة سورية و العرب و المسلمين ( هدانا الله جميعاً للخير و كفانا شر الخراب و الفتنة و آمننا في بلادنا و حفظ قائدنا و وفقه للخير و هيّا له بطانة صالحة تعينه على إعلاء شأن سورية أكثر و أكثر .

التعليقات

أضف تعليق