PRESS RELEASE
25-04-2024
الإدارة الأميركية تجهز سرا لخيارات دعم المعارضة السورية لكنها لن تتدخل عسكرياً

1325304444.jpg

نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعده جوش روغين عن قيام الادارة الاميركية بدرس خياراتها لدعم المعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد. ويستشف من تصريحات مسؤولين في ادارة الرئيس باراك اوباما ان واشنطن

مستعدة لتقديم مساعدات مادية وانسانية ودبلوماسية لكنها ليست في وارد اقرار تدخل عسكري اميركي. وهذا نص التقرير: “بينما خرج العنف في سوريا عن نطاق السيطرة، يحضر مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بهدوء لخيارات بشأن كيفية مساعدة المعارضة السورية، بما في ذلك الخيار غير المرجح لفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا والتحضير لمبادرة دبلوماسية كبيرة أخرى.

ويتهم منتقدون في الكونغرس إدارة أوباما بأنها بطيئة في اصدار ردة فعل على الوضع الأمني المتردي في سوريا حيث قتل أكثر من 5000 شخص، وفقا للمفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. ويقول العديد من المشرعين ان البيت الأبيض “يتحرك بشكل غير مباشر”، بينما اتخذ الأتراك والفرنسيون والعرب – الذين أرسلوا بعثة مراقبين إلى سوريا هذا الأسبوع- المبادرة باتباع استراتيجيات أكثر قوة للضغط على نظام الأسد. لكن المسؤولين الأميركيين قالوا إنهم يتحركون بحذر لتجنب المزيد من التدهور الأمني في سوريا، وللتأكد من أنهم يعرفون أكثر عن الديناميات المعقدة في ذلك البلد قبل التورط أكثر.

إلا أن الإدارة تعتبر أن الوضع القائم في سوريا غير قابل للاستمرار. فقد قال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية فريد هوف هذا الشهر ان نظام الأسد هو “رجل ميت يمشي”. وبالتالي فإن الإدارة تقوي الآن من آليتها لصنع السياسات بهذا الشأن. وبعد مرور عدة أسابيع من دون أي اجتماعات عالية المستوى للإدارة لمناقشة الأزمة في سوريا، فقد بدأ مجلس الأمن القومي عملية غير رسمية هادئة لخلق وتجميع الخيارات من أجل مساعدة المعارضة السورية، وفقا لما أكده اثنان من المسؤولين في الإدارة الأميركية لـ”ذي كايبل”.

وتشمل العملية التي يقودها مدير المجلس القومي ستيف سايمون عددا من المسؤولين المختارين من وزارات الخارجية والدفاع والخرينة ووكالات أخرى ذات صلة. وهذه المجموعة صغيرة بدرجة غير عادية، على الأرجح لتجنب التسريبات الإعلامية، ولا تستخدم الإدارة الإجراءات الاعتيادية من خلال اجتماعات لجنة السياسات المشتركة ولجنة النواب أو لجنة المدراء. ومن المسؤولين الرئيسيين في النقاشات فريد هوف الذي يقود التعامل مع قادة المعارضة السورية وحلفاء الولايات المتحدة.

ومن الخيارات المطروحة للنقاش ممر إنساني أو منطقة آمنة للمدنيين في سوريا على طول الحدود التركية، وزيادة المساعدات الإنسانية للثوار السوريين، وتزويد العيادات السورية بالمساعدات الطبية، والتعامل أكثر مع المعارضة في الداخل والخارج، وتشكيل مجموعة تواصل دولة، أو تعيين منسق خاص للعمل مع المعارضة السورية (كما حدث في ليبيا)، وفقا للمسؤولين، وهما على اطلاع بما يجري من مشاورات لكنهما لا يحضران الاجتماعات.

وقال أحد المسؤولين: “تدرس اللجنة المشتركة حاليا الخيارات في سوريا، لكنها ما زالت في المراحل الأولية، هناك كثيرون في الإدارة يعتقدون أن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، وهناك إقرار داخلي بأن العقوبات الاقتصادية لن تؤدي إلى سقوط النظام السوري في المستقبل القريب”.

وبعد فرض العديد من جولات العقوبات الاقتصادية على النظام السوري وقادته، فإن التركيز يتجه الآن إلى مساعدة المعارضة بشكل مباشر. وما زالت عمليات اللجنة جارية، وقد أوكل مجلس الأمن القومي وزارة الخارجية والدفاع لتقديم خيارات في المستقبل القريب، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن أي منها، وفقا للمسؤولين- اللذين قال احدهما ان الادارة حذرة بشكل متعمد بسبب القلق مما سيحدث في سوريا.

وقال المسؤول: “بسبب التداعيات البعيدة المدى التي تطرحها المشكلة السورية، فإن الناس حذرون للغاية. الانتقاد يمكن أن يقول إننا لا نفعل ما فيه الكفاية لتغيير الوضع الحالي لأننا نقود الأمور من الخلف. لكن سبب حذرنا هو أننا ننظر إلى التداعيات الممكنة، إنه أمر لا يصدق”.

ومن المشاكل التي يمكن أن ترافق انهيار نظام الأسد، وفقا للمسؤول، نشوء فراغ في السلطة، و(تسرب) أسلحة دمار شامل، ومشكلة لاجئين، واضطراب في المنطقة بأكملها.

وأضاف: “هذه ليست ليبيا، ما يحدث في ليبيا يبقى في ليبيا، لكن تلك ليست الحال في سوريا. الأخطار أكبر. الآن، نحن نرى خطر التحرك بسرعة عالية أكبر من خطر التحرك ببطء”.

ويعتبر خيار الممر الانساني غير مرجح بدرجة كبيرة لكنه سيتطلب فرض منطقة حظر جوي فوق أجزاء من سوريا، ما قد يشمل هجمات واسعة النطاق على الدفاعات الجوية وأنظمة القيادة والسيطرة السورية.

وقال مسؤول آخر في الإدارة الأميركية: “هذا نظريا أحد الخيارات، لكنه بعيد عن النطاق الذي يفكر فيه أي أحد بشكل جدي في هذه اللحظة”.

وعلى الرغم من ان المعارضة منقسمة بهذا الشأن، فإن رئيس المجلس الوطني الانتقالي السوري برهان غليون دعا في وقت سابق من هذا الشهر المجتمع الدولي إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا.

وقال غليون: “هدفنا الأساسي هو إيجاد آليات لحماية المدنيين ووقف آلة القتل، نحن نقول إنه لا بد من استخدام إجراءات قوية لإجبار النظام على احترام حقوق الإنسان”.

هل نباح الولايات المتحدة أسوأ من عضتها؟

خطابيا، كانت الإدارة الأميركية ناشطة في دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي وحماية حقوق المتظاهرين السوريين، على الرغم من عدم وجود سياسة واضحة لتحقيق هذه الغاية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني يوم 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري: “الولايات المتحدة تواصل الإيمان بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق التغيير الذي يستحقه الشعب السوري هي بمغادرة بشار الأسد للسلطة”.

ويوم الثلاثاء الموافق 27 كانون الاول (ديسمبر) لمحت الادارة الى عمل اقوى اذا لم تسمح الحكومة السورية للمراقبين العرب باداء عملهم. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر في بيان: “اذا واصل نظام الحكم السوري مقاومة جهود الجامعة العربية وتجاهلها، فان المجتمع الدولي سيدرس وسائل اخرى لحماية المدنيين السوريين”.

وكان المجلس الوطني السوري، وهو المنظمة الرئيسة الممثلة للمعارضة، واضحاً جداً في قوله انه يسعى للحصول على ما هو اكثر من تأييد لفظي من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وقد بينت ورقة سياسية مفصلة عنوانها “منطقة آمنة لسوريا” حررها عضو المجلس الوطني السوري اسامة المنجد الحجة الداعمة لتدخل مسلح من جانب المجتمع الدولي لمساعدة المدنيين السوريين.

وقالت الورقة: “ان المجلس الوطني السوري يدخل مرحلة حاسمة في الثورة السورية يصبح فيها الامل باستمرار حملة المقاومة السلبية ازاء نظام حكم منفلت ووحشي فوق العادة اشبه بعمل انتحاري”.


لكن واشنطن غير مرتاحة للعمل بتنسيق مع المجلس الوطني السوري: ويقول مسؤولون ان ثمة عدم ثقة في ان المجلس، الذي يخضع لتأثير قوي من المغتربين السوريين، يحظى بتأييد تام من المعارضة في الداخل. كما ان المسؤولين الاميركيين يتحفظون عن دعم الجيش السوري الحر، المكون من منشقين عن الجيش ومن مسلحين محليين، لأنهم لا يريدون ان يُروا متورطين عسكري ضد النظام – وهو وضع يخشون ان الاسد يمكن ان يستغله لاغراضه الدعائية، كما يقول المسؤولون.

وهناك مقدار من الجدل الداخلي البيروقراطي ايضاً. فخلال صيف هذه السنة، عندما برزت قضية ارسال معدات طبية بصورة طارئة الى سوريا في اجتماع غير رسمي بين الوكالات الحكومية، اعاقت النزاعات بشأن الصلاحيات النقاش، كما صرح مسؤولون لـ”ذي كيبل”. ولم ترسل معونة طبية.

لذافان الادارة تكتفي في الوقت الحاضر بترك بعثة مراقبي الجامعة العربية لاداء مهمتها وتنتظر تقريرها في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال المسؤولون ان الادارة تأمل بأن تستخدم التقرير للبدء بمبادرة دبلوماسية جديدة في اواخر كانون الثاني (يناير) في مجلس الامن الدولي للتنديد بالاسد والسماح بتقديم مساعدة مباشرة للمعارضة.

واقر المسؤولون بان هذه المبادرة الجديدة يمكن ان تفشل بسبب التأييد الروسي لنظام الاسد. واذا حدث ذلك، فستعمل الادارة مع حلفائها مثل فرنسا وتركيا ليؤسسوا تبريرهم لتدخل انساني غير عسكري في سوريا، على اساس ادلة من تقرير الجامعة العربية وتقارير اخرى مستقلة عن انتهاكات الاسد لحقوق الانسان. غير ان هذه العملية قد تستغرق اسابيع، ما سيعني ان المساعدة المادية من الولايات المتحدة الى المعارضة السورية قد لا تتدفق على الاقل حتى اواخر شباط (فبراير) او اوائل آذار (مارس)”. وبين الآن وذلك الحين يمكن ان يقتل المزيد من مئات او حتى آلاف الناس.

وهناك خلاف ايضاً داخل الادارة بشأن ما اذا كانت بعثة المراقبة العربية ذات مصداقية وموضوعية.

وقال احد مسؤولي الادارة: “هذه قضية عربية في الوقت الحاضر، والجامعة العربية تظهر مبادرة في الحقيقة للمرة الاولى منذ وقت طويل”.

وقال مسؤول آخر في الادارة لا يتعامل مباشرة مع الشؤون السورية: “(بعثة مراقبة الجامعة العربية) كلها مسرح كابوكي. نحن نرفع عمداً معيار (التدخل) كوسيلة للحفاظ على الوضع الراهن، وهو عدم القيام باي شيء”.

وقال اندرو تابلر، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ان الادارة فوجئت على حين غرة بالكيفية التي تمكنت المعارضة من تسليح نفسها بهذه السرعة. وكانت رسالة الادارة تقضي بدعوة المعارضة على البقاء سلمية، لكن السفينة ابحرت الان، حسب قوله.

واضاف ان “لدينا سياسة دائمة بعدم التواصل مباشرة مع جيش سوريا الحر، ذلك انه اتفق في وقت سابق على ان الاحتجاجات السلمية تترك اثرا معنويا كبيرا ضد النظام، وان بامكانها ان تشجع المزيد على الانشقاق. الا انه لم يظهر ان هناك ضوءا في نهاية نفق تلك الاستراتيجية الاحتجاجية السلمية. وقد تشكل لدينا اعتقاد، خاطئ، ان المعارضة السورية تبنت استراتيجية المقاومة المدنية التي شهدتها مصر وتونس، الا ان ذلك لم يحدث”.

وتعتمل في نفوس معظم الخبراء في واشنطن عوامل شك عميق تجاه بعثة المراقبة التابعة للجامعة العربية. ومن ذلك انها تعمل برئاسة جنرال سوداني اتهم بتشكيل الميليشيات العربية التي عاثت فسادا في دارفور. كما ان الكثيرين يشككون في ان 150 مراقبا سيتمكنون من مشاهدة العدد الكبير من الاحتجاجات ومن مراقبة الاوضاع في تلك الدولة الواسعة.

وقال توني بدران، الباحث لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “يبدو ان هناك مخاطر جمة ان تضع الولايات المتحدة كل مصالحها في كفة تلك المهمة. فلم تخرج منها قط آلية جادة لتشكيل مبادرة قوية”.

وقال بدران ان بعثة الجامعة العربية للمراقبة تمنح نظام الاسد الوقت والمساحة للمناورة، كما توفر لروسيا الفرصة للتحجج بعذر اخر لتأخير الاجراء الدولي في سوريا.

واضاف: “تستطيع ان تدرك الان لماذا حث الروس السوريين على القبول بالمراقبين. لأن ذلك يمنح السوريين فرصة تأخير حصول اتفاق”.

اما بريان كاتوليس، الزميل في مركز التقدم الاميركي، فقال ان الادارة تحاول الموازنة بين قيمة حماية المدنيين مع المصالح الخاصة بمحاولة تأمين درجة من الاستقرار في سوريا.

وقال كاتوليس ان “أهم شيء هو المشاورات الواسعة مع اكبر عدد ممكن من الحلفاء الدوليين. وهذا هو مظهر اخر من مظاهر هذه الادارة. وعندما يحصل التغيير في سوريا، فانه سيكون ملكا لهم”.

ولم يرد الناطق بلسان مجلس الامن القومي تومي فيكتور على طلب لابداء رأيه حول هذا الموضوع.



https://www.telescopesyria.sy/news/print_news/1852