- أتراك يتظاهرون احتجاجاً على منظومة الدرع الصاروخي

أخبار
1316330937.jpg1316330937.jpg

تظاهر مئات الأتراك من سكان منطقة كوراجيك التابعة لمحافظة ملاطيا تظاهر مئات الأتراك من سكان منطقة كوراجيك التابعة لمحافظة ملاطيا الواقعة في منطقة جنوب شرق تركيا احتجاجا

على قرار الحكومة التركية إقامة رادارات تابعة لمنظومة الدرع الصاروخيه الأميركية على أراضي قريتهم.
وأكد المتظاهرون، بحسب ما نقلت قناة "العال" الإخبارية الإيرانية، "انه لا فائدة لتركيا من هذا النظام الذي سيخدم فقط الولايات المتحدة الأميركية والكيان الاسرائيلي وأنه موجه بالدرجة الأولى ضد إيران".

كان قد أعلنت الحكومة التركية في يوم الجمعة 2 أيلول (سبتمبر) 2011 م موافقتها الرسمية على السماح بنشر منشآت نظام الدفاع الصاروخي الخاص بحلف الناتو في الأراضي التركية: فما هي طبيعة منشآت نظام الدفاع الصاروخي التي سوف يتم نشرها في تركيا، وما هي حسابات أنقرا الجديدة التي دفعتها لهذه الموافقة علماً أنها ظلت أكثر رفضاً وتحفظاً طوال الفترات الماضية لجهة السماح بنشر هذه المنشآت في أراضيها، وما هو تأثير نشر هذه المنظومة على توازنات الأوضاع العسكرية والأمنية وأيضاً الدبلوماسية الشرق أوسطية، وما هي أبرز ردود الأفعال الدولية والإقليمية إزاء قرار الموافقة التركي، وما هو تأثير استضافة هذه المنظومة على دور ومكانة تركيا الإقليمية والدولية؟
نظام الدفاع الصاروخي في تركيا: توصيف المعلومات الجارية
سعت حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى رفض قيام حلف الناتو بنشر منظومة شبكة الدفاع الصاروخي في الأراضي التركية، وتكرر الرفض التركي في اجتماع قمة لشبونة الخاص بحلف الناتو، ولكن لاحقاً، شهد الموقف التركي المزيد من التعديلات والتراجعات الدراماتيكية عندما وافقت أنقرا رسمياً يوم الجمعة الماضي 2 أيلول (سبتمبر) 2011م للحلف بنشر المنظومة في الأراضي التركية، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى المعطيات والنقاط الآتية:
- منظومة الدفاع الصاروخي الخاصة بحلف الناتو هي عبارة عن شبكة واسعة من المنشآت التكنولوجية المتطورة، والتي تتوزع ضمن عدد من الدول الأعضاء في حلف الناتو.
- سوف تستضيف تركيا جزءاً من هذه المنشآت، وهي منشآت رادارية خاصة بمجال الإنذار المبكر، أما بطاريات الصواريخ فلا يوجد ما يفيد أو يؤكد بأن تركيا سوف تقوم باستضافتها.
- برغم صدورقرار موافقة أنقرا، فإنه لم يتم تحديد المواقع التي سيتم إقامة منشآت الدفاع الصاروخي عليها.
- منشآت الإنذار المبكر التي سوف يتم نشرها بواسطة حلف الناتو في تركيا، سوف تكون عبارة عن منظومة رادارات أميركية، وسوف ترتبط بشبكة منظومة بطاريات صواريخ اعتراضية أميركية الصنع.
- كان من المفترض أن يتم نشر منظومة رادارات الإنذار المبكر الخاصة بشبكة الدفاع الصاروخي في بلغاريا وتشيكيا، وبسبب موافقة تركيا، فقد سعت قيادة حلف الناتو إلى إخطار بلغاريا وتشيكيا رسمياً بأن نشر رادارات الإنذار المبكر في تركيا سوف يتيح المزيد من المزايا الإضافية ذات الأفضلية الأكبر، الأمر الذي أثار حفيظة بلغاريا وتشيكيا، وتقول التسريبات بأن السلطات البلغارية والتشيكية تدرسان قرار إعلان الانسحاب من مشروع المشاركة في شبكة الدفاع الصاروخي..
حتى الآن، ما هو واضح يتمثل في صدور قرار الموافقة التركية بنشر المنشآت الرادارية الخاصة بنظام الإنذار المبكر، وتقول المعلومات والتسريبات بأن الفترة القادمة سوف تشهد المزيد من المفاوضات والمشاورات بين تركيا وبقية حلفاء الناتو.. ولكن ما هو قاطع يتمثل في أن عملية نشر شبكات المنظومة الرادارية سوف تكتمل في نهاية عام 2011 م الحالي..
الأبعاد غير المعلنة: ماذا وراء شبكة رادارات الدفاع الصاروخي
أثار الموقف التركي غير المتوقع، اهتمام العديد من الخبراء والمراقبين، وفي هذا الخصوص برز العديد من النقاط المتعلقة بطبيعة النوايا التركية إزاء قرار أنقرا بالموافقة على الانخراط في مشروع شبكة الدفاع الصاروخي، وتأسيساً على ذلك نشير إلى الآتي:
-تأثير الحدث السوري: سعت أنقرا إلى القيام ببناء عملية اصطفاف إقليمي لجهة استهداف دمشق، ولكن جهود أنقرا وجدت معارضة إيرانية وروسية كبيرة، الأمر الذي دفع أنقرا لجهة استخدام قرار الموافقة بنشر منشآت الدفاع الصاروخي كرد على الموقفين الإيراني والروسي، إضافة إلى نقل رسالة واضحة لطهران وموسكو مفادها أن أنقرا تستطيع اللجوء لحلف الناتو كبديل متاح أمامها إزاء كل من يعارض التعاون مع توجهات السياسة التركية في المنطقة.
-تأثير الحدث الليبي: سعت أنقرا إلى الانخراط في التحالف الدولي الذي استهدف نظام معمر القذافي، ولعبت أنقرا دوراً قائداً في العمليات العسكرية الخاصة بحلف الناتو، وفي هذا الخصوص، فقد تزايد شعور وإدراك أنقرا بمدى أهمية استغلال فرصة حلف الناتو كقوة مضافة، تدعم مشروع قيام أنقرا بدرو القائد الإقليمي الشرق أوسطي.
-تأثير الحدث الإيراني: تنظر أنقرا إلى إيران باعتبارها المنافس الحقيقي لزعامة أنقرا في الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وبسبب صعود القدرات الإيرانية العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، والنووية، فإن أنقرا وعلى خلفية عدم قدرتها على مجاراة صعود القدرات الإسرائيلية، فقد وجدت أن السبيل الأمثل هو استهداف إيران ضمن ثلاثة محاور: الأول هو استهداف حلفاء إيران الشرق أوسطيين وبالذات سوريا، إضافة إلى التعاون مع أميركا والسعودية لجهة إضعاف النفوذ الإيراني في العراق، والثاني، هو التعاون مع أطراف مثلث واشنطن – باريس – لندن في منظومة العقوبات ضد إيران، والثالث هو إتاحة الفرصة لواشنطن وحلفاء الناتو لجهة نشر قدراتهم العسكرية المتطورة في تركيا، بما يخل بالميزان العسكري مع إيران من جهة، ومن الجهة الأخرى يدفع إلى جعل إيران تنخرط في عمليات سباق تسلح تفوق قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية الفعلية.
-تأثير الحدث السعودي: تشكل الحدث السعودي على خلفية التدخل العسكري السعودي في البحرين، وتزايد ضغوط الاحتجاجات السياسية في السعودية وبلدان الخليج إضافة إلى ضغوط الأزمة اليمنية، الأمر الذي دفع الرياض إلى اعتماد وحهة نظر داعية لبناء تحالف إقليمي-دولي أكثر فعالية لجهة دعم بناء الأنظمة الملكية المطلقة الشرق أوسطية، وفي هذا الخصوص فقد اتجهت الرياض إلى بناء تحالف سعودي-تركي تحت رعاية واشنطن وبلدان الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أدى بدوره إلى قيام أنقرا بتغيير رهاناتها التحالفية مع دمشق وطهران، الأمر الذي أدى بدوره إلى جعل أنقرا أكثر انفتاحاً لجهة التعاون مع واشنطن وبلدان حلف الناتو..
هذا وبرغم تعدد الأحداث الإقليمية والشرق أوسطية الضاغطة، فإن موافقة أنقرا لجهة القيام بنشر منشآت شبكة الدفاع الصاروخي على الأراضي التركية، هي موافقة لا يمكن فهمها على أساس أنها وليدة للضغوط، وذلك لأن جانباً هاماً من هذه الموافقة يرتبط بمعطيات نظرية المؤامرة التركية الجديدة في المنطقة:
-السعي لبناء منظومة عسكرية شرق أوسطية بقيادة تركيا، وفي هذا الخصوص، فقد سعت أنقرا إلى ضم جيوش بلدان الخليج في مناورات صقر الأناضول، الخاصة بفعاليات حلف الناتو، وما هو مثير للاهتمام هنا يتمثل في أن مشاركة جيوش هذه البلدان لا يمكن أن تتم إلا بموافقة حلف الناتو الذي تقوده أميركا. والسؤال الحرج هنا: كيف وافقت أميركا على قيام تركيا بمنع إسرائيل من المشاركة في المناورات وسمحت لدول الخليج بالمشاركة؟.
-السعي لبناء منظومة أمنية شرق أوسطية: وهو سعي قديم، وحالياً تتعاون المخابرات التركية مع المخابرات الأميركية ومخابرات حلف الناتو والمخابرات السعودية والقطرية لجهة استهداف سورية، وبالتالي فإن هذا السعي هو من أجل تعزيز المنظومة الأمنية الشرق أوسطية التي تقودها تركيا وتشرف على إدارتها ورعايتها أجهزة المخابرات الأميركية ومن ورائها الإسرائيلية.
تحدثت الأوساط التركية الرسمية كثيراً عن خلافات أنقرا مع واشنطن ودول حلف الناتو، وتحديداً لحهة الإشارة إلى أن موافقة تركيا على نشر منشآت رادارات دفاع حلف الناتو الصاروخي الخاصة بالإنذار المبكر، هي موافقة مشروطة بضرورة أن لا تكون هذه المنظومة مرتبطة بشبكة منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، وبالتدقيق الفاحص نلاحظ أن هذا الشرط هو مجرد حديث اعتباطي، وذلك للأسباب الآتية:
-ارتباط رادرات وبطاريات نظام الدفاع الصاروخي بالأقمار الصناعية، وتحديداً الأميركية، وجميع هذه الأقمار ترتبط بشبكات الاتصالات العسكرية الإسرائيلية، وبكل سهولة تستطيع إسرائيل إما التقاط المعلومات بشكل سري عن طريق قيام أقمار التجسس الأميركية بتمرير هذه المعلومات لإسرائيل، أو بقيام البنتاغون بإعطاء الإسرائيليين شيفرة بث منظومة الرادارات الموجودة في تركيا، ومن ثم تقوم أقمار التجسس الإسرائيلية بالتقاط الإشارات ومعالجتها ونقلها إلى إسرائيل.
-أكد المتحدث الرسمي باسم البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) بأن منظومة رادرات الإنذار المبكر التي سوف ينشرها حلف الناتو في تركيا، سوف تكون مرتبطة بالسفن الحربية الأميركية الموجودة في منظقة البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة الخليج منطقة البحر الأسود، ومنطقة المحيط الهندي، إضافة إلى مراكز القيادة الوسطى الأميركية، والقيادة الأوروبية الأميركية.. ولما كانت جميع هذه المراكز والسفن، ترتبط بالبنتاغون وبإسرائيل، فإن نقل وتمرير المعلومات سوف لن يتطلب سوى "كبسة زر" كما يقولون.
تملك واشنطن مشروع تجسس اليكتروني خاص بأميركا، ومشروع تجسس اليكتروني خاص بحلفائها، وتركيا مهما تحدث زعماءها عن استقلالية دورها الفاعل في علاقاتها التعاونية مع واشنطن وبلدان الناتو، فإنها مجرد محطة في برامج التجسس الإلكتروني الأميركية، وهي حقيقة معروفة وثابتة منذ أيام وحقب الحرب الباردة الأميركية ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وحالياً تشير جميع المعطيات إلى أن رادارات الإنذار المبكر الخاصة بحلف الناتو، هي منشآت عسكرية تجسسية اليكترونية أميركية تعمل تحت غطاء مظلة حلف الناتو، وسوف تباشر هذه المنشآت عمليات التجسس الالكترونية ضد سورية وإيران وروسيا، بما يتيح تزويد إسرائيل بالمعلومات الاستخبارية الجارية.. سواء رفضت أم وافقت تركيا...

التعليقات

أضف تعليق